Accéder au contenu principal

صلة الرحم

rowea.blogspot

ندوات تلفزيونية - قناة سوريا الفضائية - مختلفة - ندوة ( 11) : التعاون في المجتمع الإسلامي - صلة الرحم - الزكاة . لفضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي بتاريخ: 2004-06-12

بسم الله الرحمن الرحيم المذيع: السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته، انقضى من هذا الشهر الكريم جزئه، صمنما وصلينا وقمنا الليل ذكراً ودعاءً رغبة ورجاء سمونا بأخلاقنا وأعمالنا وابتعدنا عن كل ما يغضب ربنا ولكن ماذا تفيدنا هذه الطاعات إن لم تحملنا على فعل الخير، وإذا لم تجعلنا نشعر بالآخرين ونقدم لهم العون والمحبة، إن حب الله يجب أن ينعكس في نفوسنا حباً لخلقه وتعاوناً معهم، فالخلق كلهم عيال الله، وأحب الخلق إلى الله أنفعهم لعياله، وقد قال تعالى: وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان، التعاون بما فيه مصلحة الإنسان فرداً وجماعة، وما فيه خير البشرية جمعاء، شجرة التعاون تبدأ صغيرة في محيط الأسرة والقرابة وتنتهي بالناس أجمعين. أيها المشاهدين الكرام يسعدني أن أرحب بضيفي هذه الندوة فضيلة الدكتور الشيخ محمد راتب النابلسي الأستاذ المحاضر في كلية التربية بجامعة دمشق، أستاذ الإعجاز العلمي في القرآن والسنة في كليات الشريعة وأصول الدين، وفضيلة الشيخ عبد الغني الكاري المدرس الديني وخطيب مسجد عمر بن الخطاب في اللاذقية، أهلاً وسهلاً بالأساتذة الكرام. في هذه الندوة أتوجه بالشكر لحضوركما وآمل من فضيلة الدكتور راتب أن يبين لنا الجانب الاجتماعي تحديداً في الإنسان ما هو أصله الخلقي. الأستاذ راتب : بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين. الحقيقة أن الإنسان كائن متميز، هو في القرآن الكريم الإنسان الأول رتبة، لأن الله عز وجل يقول: ﴿ إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ﴾ (سورة الأحزاب) هو له جانب عقلي وجانب نفسي وجانب جسمي، والعقل غذاؤه العلم والقلب غذاؤه الحب والجسم غذاؤه الطعام والشراب، وأودع الله فيه دوافع،من أبرز هذه الدوافع الدافع للطعام والشراب لبقاء الفرد، ثم الدافع إلى الجنس لبقاء النوع ثم الدافع على الذكر بقاء الذكر، يسميه علماء النفس تأكيد الذات، هذه الدوافع الثلاث يتحرك من خلالها، لكن هذه الدوافع حيادية يمكن أن توظف في الخير كما يمكن أن توظف في الشر، ولكن شاءت حكمة الله أن يجتمع الإنسان مع أخيه شاء أم أبى، ذلك لأن الإنسان مثله الله من إتقانه كل شيء، وهو محتاج لمليون شيء، ولا يمكن أن تستمر حياته إلا ضمن الجماعة، ففي أصل تكوينه وبرمجته يجب أن يعيش مع أخيه الإنسان. أنت مثلاً تتقن اختصاص معين لكنك بحاجة لطبيب ولمهندس يبني لك البيت ونجار ومعلم ومن يبيعك الخبز والطعام والشراب ومن يصنع لك السيارة، أنت فوق كل شيء تعمل في التلفزيون، لكنك بحاجة لمليون حاجة فلأنك تتقن شيء واحد وبحاجة لمليون شيء فلا بد من أن تعيش مع أخيك الإنسان هذا في الأصل، بل إن الله سبحانه وتعالى في آيات كثيرة يشير إلى ملمح واحد: ﴿ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ (26)﴾ (سورة المطففين) أنت مع أخيك الإنسان تسابقه لجنة عرضها السماوات والأرض، الشيء الثاني أن الله كان من الممكن أن يخلق المواد للاستهلاك مباشرة، لكن خلقها بطريقة تحتاج لجهد بشري، فلا بد من أن تزرع البذرة لتنمو طعاماً لك، لا بد أن تحفر البئر أو تبني البيت، لا بد من صنع الملابس، فلأن الله أراد أن نكون مع بعضنا بعضاً، ثم إن الله عز وجل فوق ذلك أرادنا أن نعمل، فالعمل قدرنا شئنا أم أبينا، وهذه الحياة أساسها العمل. ﴿ يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحاً فَمُلَاقِيهِ (6)﴾ (سورة الانشقاق) الآن من خلال اجتماعنا مع بني جنسنا ومن خلال العمل الذي نحن مضطرون إليه يمتحن الإنسان، فأنا مع أخي الإنسان إما أن أصدق وإما أن أكذب، إما أن أخلص وإما أن أخون، إما أن أنفق وإما أن أشحد، إما أن أكون رفيقاً به أو قاسياً عليه. ﴿ الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً﴾ (سورة الملك) فلقاء البشر مع بعضهم بعضاً الحتمي الذي أراده الله عز وجل، ثم إن العمل الذي لا بد منه كي تستمر حياتنا مناسبتان كبيرتان لكشف حقيقة الإنسان، الدنيا دار ابتلاء والآخرة دار جزاء، الدنيا دار تكليف والآخرة دار تشريف، الدنيا دار عمل والآخرة دار حساب، فنحن ممتحنون في الدنيا ومادة امتحاننا ما منحنا إياه أو ما زوي عنا، في الدعاء الشريف: اللهم ما رزقتني مما أحب فاجعله عوناً لي فيما تحب، وما زويت عني ما أحب فاجعله فراغاً لي فيما تحب. مواد الامتحان ما منحني الله إياه وما حرمني منه، لكن هناك من يقول قول رائع: إن المجموع ثابت، لو أعطيت لكل حظ من حظوظ الدنيا علامة، وجمعت علامات أي إنسان....... مثلاً صاحب الدخل المحدود لا يعاني من هموم تسحق أصحاب الدخل غير المحدود في بعض الأزمات العامة، وصاحب الدخل غير المحدود يقاضي هذا الدخل الغير المحدود هموم تسحق الجبال أحياناً، فكأن المجموع ثابت، الزوجة له علامة الابن له علامة، صحته، ففي النهاية المجموع ثابت، والإنسان في دار ابتلاء، ينبغي أن يقوم بواجب إيمانه في طاعة الله، والمؤمن الصادق يطيع الله في السراء والضراء والغنى والفقر، والفرحة والمرض وفي إقبال الدنيا وإدبارها. المذيع: بهذا المفهوم موضع التواصل الاجتماعي هو أمر خلقي من إرادة الله سبحانه وتعالى لهذه البشرية لكي تكون متواصلة مع بعضها البعض، ومن هنا لا بد أن في الإسلام توجيهات لربط هذه العلاقات الاجتماعية، فأتوجه للشيخ عبد الغني ليبين لنا أبرز هذه التوجيهات الإسلامية بالتواصل الاجتماعي. الأستاذ عبد الغني: بسم الله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله صحبه ومن والاه وبعد... انطلاقاً من قوله تعالى: ﴿ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (77)﴾ (سورة الحج) ومن قوله تعالى: ﴿ وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ﴾ (سورة المائدة) ومن قول بعض الفلاسفة أو علماء التربية: الإنسان اجتماعي بطبعه، وكما قال بعض الشعراء: الناس للناس من بدو ومن حضر بعض لبعض وإن لم يشعروا خدم الإنسان لا يعيش في فراغ ولا في غابة بعيداً عن الناس، إنما سيعيش مع مجموعة كبيرة من الناس هذا التعاون سيحدث بينهم اشتباكات على حسب اختلاف طبائع الإنسان واختلاف حاجاتهم، هذا الاختلاف سيؤدي إلى التشابك بين هؤلاء الناس، فهذا يريد هذا وهذا يريد ذاك وهذا كذا، ولا يستطيع الإنسان كما تكلم فضيلة الدكتور بارك الله فيه أن الإنسان يحصل على كل شيء لا يستطيع لا بد له من الآخرين، كما ذكرنا بعضاً لبعض خدم وإن لم يشعروا، فهو بحاجة لمجتمع يعيش فيه، هذا المجتمع بحاجة لترابط، اختلاف وجهات النظر والطبائع قد تحدث مشاكل أو اشتباكات فيما بينهم لا بد من وجود ضابط أو حكم يحكم بينهم وهذا الحكم هو الضابط الخلقي بين هؤلاء الناس، الإسلام لم يحصل على هذه النقطة وإنما أشار إليها في كثير من الآيات والأحاديث، فمثلاً التواصل الاجتماعي الذي يقوده الإسلام حدده في بعض الأمور مثلاً تواصل بين الأرحام، وقد بين الله ذلك في كتابه، وبين النبي صلى الله عليه وسلم ذلك في سنته وأحاديثه الشريفة ، هذا التواصل ذكر في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ الْخَلْقَ حَتَّى إِذَا فَرَغَ مِنْهُمْ قَامَتِ الرَّحِمُ فَقَالَتْ هَذَا مَقَامُ الْعَائِذِ مِنَ الْقَطِيعَةِ قَالَ نَعَمْ أَمَا تَرْضَيْنَ أَنْ أَصِلَ مَنْ وَصَلَكِ وَأَقْطَعَ مَنْ قَطَعَكِ قَالَتْ بَلَى قَالَ فَذَاكِ لَكِ ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ ( فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا )) (صحيح مسلم) فصلة الرحم من العادات الاجتماعية التي أمر بها الإسلام والقرآن: ﴿ وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ﴾ (سورة النساء) فشجع على صلة الرحم..... المذيع: النبي عليه الصلاة والسلام جعل من أسباب صلة الرحم زيادة العمر والرزق. الأستاذ عبد الغني: كما ورد في الحديث الشريف: (( عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِي اللَّهم عَنْهم قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ أَوْ يُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ )) (صحيح البخاري) هذا الحديث متفق عليه، وهذه الصلة تؤدي إلى تفاهم البعض مع البعض، الناس مع الآخرين، يعرفون مشاكلهم وما يدور حولهم، يساعدونهم ويمدون لهم يد العون والمساعدة في كل شيء هذا ليس فقط من صلة الرحم،وإنما هذا المقصود به أيضاً في كتاب الله التعاون مع الجيران. (( عَنْ عَائِشَةَ رَضِي اللَّهم عَنْهَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَا زَالَ يُوصِينِي جِبْرِيلُ بِالْجَارِ حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ سَيُوَرِّثُهُ )) (صحيح البخاري) (( عَنْ أَبِي شُرَيْحٍ الْخُزَاعِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيُحْسِنْ إِلَى جَارِهِ وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَسْكُتْ )) (صحيح مسلم) (( عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْرُ الْأَصْحَابِ عِنْدَ اللَّهِ خَيْرُهُمْ لِصَاحِبِهِ وَخَيْرُ الْجِيرَانِ عِنْدَ اللَّهِ خَيْرُهُمْ لِجَارِهِ )) (سنن الترمذي) كل هذا أحاديث ونصوص تكلم بها النبي عليه الصلاة والسلام لأجل أن يعيش هذا المجتمع كما أراد الله له مجتمعاً متفاهماً ومتعاوناً عرف كلاً منهم حده فوقف عنده، وهذا التواصل الاجتماعي يحدث كثيراً في رمضان، ولو عدنا للوراء قليلاً لرأينا أن رمضان من خمسين عام مضت إلى الآن نرى أن الحركة الاجتماعية في المجتمع المسلم الأغنياء يقبلون على الفقراء ويدعونهم للولائم الفقير لا يشعر بالجوع في رمضان بسبب هذا الإكرام من الغني، هناك تواصل بين الغني والفقير، وتعاون بين القوي والضعيف واندماج الفقير يحب الغني لأنه يحسن إليه، والغني يحب الفقير لأنه يؤدي به إلى ثواب الله عز وجل في رمضان حينما يدعوه لهذه الولائم. المذيع: نحن نستطيع أن نقول أن رمضان يجدد هذه العلاقة الاجتماعية التي جاءت بهذه النصوص القرآنية والتوجيهات النبوية، لكن فضيلة الدكتور راتب في حديثه ذكر أن هذه العلاقة بين الناس هي نوع من الابتلاء، أرجو أن توضحوا كيف سيكون هذا التواصل ابتلاء من الإنسان لأخيه الإنسان. الأستاذ راتب: لا بد من توضيح حقيقة أن الله سبحانه وتعالى سخر بعضنا لبعض،وفضل بعضنا على بعض، يتوهم قارئ القرآن الغير المتعمق أن الله عز وجل جعل إنساناً فاضلاً وإنسان مفضول، لا، فضل بعضنا على بعض بمعنى انك في موقف أنت فاضل، وفي موقف آخر في اليوم نفسه أنت مفضول، قد يأتي الإنسان لطبيب يشكو ألماً في جسمه، فهذا الطبيب فاضل أمام هذا المريض، الطبيب نفسه في أثناء النهار يستمع لصوت المحرك في مركبته لا يرضيه، يتجه لمن يعمل في إصلاح المركبات،الطبيب المتفوق يقف مفضولاً أمام هذا الذي يتقن تصليح السيارة، فنحن في كل ساعة نكون في موقع العطاء وتارة في موقع الأخذ، ونحن مسخرون لبعضنا بعضاً، هذه حقيقة. الحقيقة الثانية: أن الله سبحانه وتعالى أعطانا طبعاً معيناً ومعنى تكليف، فالطبع يميل إلى النوع، والطبع مرتبط بالجسم، والتكليف أن تستيقظ لصلاة الفجر، الطبع يقتضي أن تملأ عينيك من محاسن النساء، والتكليف أن تغض البصر، الطبع يقتضي أن تأخذ المال والتكليف أن تنفقه، الطبع يقتضي أن تغوص في فضائح الناس والتكليف يأمرك أن تصبر، الآن من هذا التناقض بين الطبع والتكليف يكون ثمن الجنة. ﴿ وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى (40) فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى (41)﴾ (سورة النازعات) الآن جعلت هذا تمهيداً لحقيقة طيبة في هذا اللقاء الطيب، الطبع أن تعيش وحدك وتأكل وتستعلي على الناس، الطبع فردي، والتكليف جماعي، فأنت تتعاون مع إخوانك المؤمنين مع بني البشر أجمعين، تقدم لهم تبني حياتك على العطاء بقدر طاعتك لله، وتؤكد ذاتك وتبني مجدك على أنقاض الناس وتبني حياتك على موتهم وغناك على فقرهم وأمنك على خوفهم وعزتك على ذلهم إذا كنت متفلتاً من منهج الله وفي هذا اللقاء الطيب الأصل هي هذا الموضوع هي الآية قوله تعالى: ﴿ وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ﴾ قال علماء التفسير: البر صلاح الدنيا والتقوى صلاح الآخرة، أن نتعاون لصلاح الدنيا ولصلاح الآخرة، فنحن حينما نأتمر بأمر لله عز وجل يكون هذا الاجتماع أنا أجتمع مع أخي أصدقه أو أكذبه. (( عَنْ سُفْيَانَ بْنِ أَسِيدٍ الْحَضْرَمِيِّ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ كَبُرَتْ خِيَانَةً أَنْ تُحَدِّثَ أَخَاكَ حَدِيثًا هُوَ لَكَ بِهِ مُصَدِّقٌ وَأَنْتَ لَهُ بِهِ كَاذِبٌ )) (سنن أبي داوود) فحينما أصدق نجحت في الامتحان، وحينما أكذب سقطت في الامتحان، حينما أخلص أو أخون أنفق أو أشحد فالذي يدفع الإنسان خلقه العظيم الكريم، والذي خلقه في أسفل السافلين التواصل الأخلاقي، والإمام ابن القيم يقول: الإيمان هو الخلق فمن زاد عليك في الخلق زاد عليك في الإيمان. (( عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ مِنْ بَعْضِ حُجَرِهِ فَدَخَلَ الْمَسْجِدَ فَإِذَا هُوَ بِحَلْقَتَيْنِ إِحْدَاهُمَا يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ وَيَدْعُونَ اللَّهَ وَالْأُخْرَى يَتَعَلَّمُونَ وَيُعَلِّمُونَ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلٌّ عَلَى خَيْرٍ هَؤُلَاءِ يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ وَيَدْعُونَ اللَّهَ فَإِنْ شَاءَ أَعْطَاهُمْ وَإِنْ شَاءَ مَنَعَهُمْ وَهَؤُلَاءِ يَتَعَلَّمُونَ وَإِنَّمَا بُعِثْتُ مُعَلِّمًا فَجَلَسَ مَعَهُمْ )) (سنن ابن ماجة) (( عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا بُعِثْتُ لِأُتَمِّمَ صَالِحَ الْأَخْلَاقِ )) (مسند الإمام أحمد) وهذا الإسلام العظيم الذي انتشر في الآفاق لسبب أخلاق الصحابة الكرام، والله الذي لا إله إلا هو لو فهم الصحابة الكرام الإسلام كما يفهمه عامة المسلمون اليوم ما خرج من مكة ! ما الذي يشد الناس للإسلام ؟ أخلاق المسلمين إنفاقهم صدقهم أمانتهم عفتهم، لكن ما الذي ينفر الناس من المسلمين ؟ انحرافهم حينما تشبث أصحاب النبي الكريم بالخلق القويم دخل الناس في دين الله أفواجاً، وحينما يرى الناس مسلماً يقصر يكذب يحتال يقصر في واجباته يخرج الناس من دين الله أفواجاً، الذي يشد الناس للإسلام أخلاق المسلمين، ونحن حينما نلتقي مع بعضنا بعضا تظهر الأخلاق الحميدة والخبيثة، فنحن مبتلين باجتماعنا ومحاسبين على حركتنا والله سبحانه وتعالى في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه، ولكن الشيء الذي يلفت النظر أن النبي عليه الصلاة والسلام لو جمعت أحاديثه الاجتماعية بأكملها ووضعتها في بابين لوجدت العجب العجاب، ما من شيء يقرب الإنسان من أخيه الإنسان إلا أمانته، وما من شيء يبعد الإنسان عن أخيه الإنسان إلا نهى عنه عن الغيبة والنميمة والتقليد والمحاكاة والاستهزاء والسخرية والتباغض وكل شيء أمر بإلقاء السلام وبتلبية الدعوة وبالصلة حتى لو دعي إلى وليمة عليه أن يلبي. النبي الكريم مدعواً لوليمة ومعه صحابياً فلما جعل الطعام قال: إني صائم قال: أخوك دعاك وتكلف لك وتقول إني صائم أفطر وصم يوماً مكانه. (( عَنْ عَبَّادِ بْنِ شُرَحْبِيلَ قَالَ قَدِمْتُ مَعَ عُمُومَتِي الْمَدِينَةَ فَدَخَلْتُ حَائِطًا مِنْ حِيطَانِهَا فَفَرَكْتُ مِنْ سُنْبُلِهِ فَجَاءَ صَاحِبُ الْحَائِطِ فَأَخَذَ كِسَائِي وَضَرَبَنِي فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَسْتَعْدِي عَلَيْهِ فَأَرْسَلَ إِلَى الرَّجُلِ فَجَاءُوا بِهِ فَقَالَ مَا حَمَلَكَ عَلَى هَذَا فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهُ دَخَلَ حَائِطِي فَأَخَذَ مِنْ سُنْبُلِهِ فَفَرَكَهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا عَلَّمْتَهُ إِذْ كَانَ جَاهِلًا وَلَا أَطْعَمْتَهُ إِذْ كَانَ جَائِعًا ارْدُدْ عَلَيْهِ كِسَاءَهُ وَأَمَرَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِوَسْقٍ أَوْ نِصْفِ وَسْقٍ )) (سنن النسائي) من أين عالج المشكلة ؟ لا من نهايتها، اليوم العالم يعالج الإرهاب بما يسمى من نهايته يجب أن يعالج من بدايته، لماذا كان الإرهاب في العالم ؟ قال: مَا عَلَّمْتَهُ إِذْ كَانَ جَاهِلًا وَلَا أَطْعَمْتَهُ إِذْ كَانَ جَائِعًا. يجب أن نبحث عن السبب، لأن الله عز وجل يقول: ﴿ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ﴾ (سورة الفتح) متى كانوا أشداء على الطرف الآخر ؟ لأنهم معه، فنحن مأمورون أن نجتمع، والحقيقة الآن نحن نكون أو لا نكون، بقاءنا ونمونا وتقدمنا وانتصارنا على أعدائنا لوحدتنا واجتماعنا وتضامننا وتكاتفنا، ولعل الآية الكريمة: ﴿ وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ﴾ هي الأصل في هذا اللقاء الطيب تعاونوا على صلاح الدنيا وصلاح الآخرة. المذيع: هنا نستطيع أن نقول: هذا الدين الحنيف شرع كثير من العبادات الجماعية منها صلاة الجماعة ومنها الحج ولكن هناك عبادة مادية التي هي الزكاة والصدقة، فضيلة الشيخ عبد الغني هل يمكن أن تعطي إضاءة حول دور الصدقة ودور الإنفاق والزكاة في هذا التواصل الاجتماعي. الأستاذ عبد الغني: في البداية أريد أن أضيف إلى كلام أخي الدكتور حينما تحدث عن المسلم وعن تشويه صورة الإسلام في عمل مسلم أو خلق مسلم أحد الشعراء ذكر ذلك فقال: يقولون في الإسلام قولاً أنه يعيق زويه عن طريق التقدم الإسلام هو المتهم وليس المسلم، لأنه إذا أخطأ المسلم عزونا هذه الأخطاء للإسلام وليس المسلم وهذا خطأ كبير. إذا كان ذا حقاً فكيف تقدمت أوائله في عهده المـتقدم إذا كان ذنب المسلم اليوم جهله فماذا على الإسلام من جهل المسلمين، يجب أن نفرق بين عمل المسلم وبين الإسلام، إن تمسك هذا الإنسان بشريعة الإسلام كان مسلماً حقاً طالباً المنى ظاهراً وباطناً، فيما يتعلق بهذا الأمر. هناك عبادات جماعية فرضها الإسلام منها صلاة الجماعة حتى يلتقي الناس ويتكاثر وجودهم فيما بينهم ويتساءلون فيما بينهم عن أحوالهم ويتفقدون أمور بعضهم كصلاة الجماعة التي تشير إلى القوة والمنعة في هذا الدين أو صلاة العيدين أو الحج حتى الزكاة، الزكاة اجتماعية لأنها آخذ ومعطي، فقير وغني، وهناك علاقة موجودة بين الغني وبين الفقير وبين المكلف ومن يحتاج إلى ذلك، فيد تعطي ويد تأخذ، المعطي يجب أن يكون رحيماً رفيقاً على هذا الإنسان، لا يعطيه بمنة ولا يمنن في ذلك، إنما يعطيه كواجب. ﴿ وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ (24) لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ (25)﴾ (سورة المعارج) والفقير يأخذ هذا عن رضا وطواعية، إذا اكتمل هذا المعنى فبين المعطي والآخذ وبين الدافع والآخذ اكتمل هذا المعنى، نشأت بينهما علاقة المحبة والمودة، فالغني يصل إلى الفقير والفقير يساعد هذا الغني ويقضي له كثيراً من حاجاته، إن كان المجتمع بهذا الأمر لا يمكن أن تدخله شائبة أو يدخل إليه أي شيء يمكن أن يؤثر من قوته، لأنه كما قلنا كل إنسان عرف حده فوقف عنده. هذه الكلمة لسيدنا عمر رضي الله عنه حينما كان قاضياً في زمن الخليفة أبي بكر الصديق رضي الله عنه، ذلك كان سيد دار القضاء دون أن يأتي إليه متخاصمان، الآن المحاكم تعج ومن يدخل في مشكلة يعيش عشرات السنين ولا يحصل على حقه، فقدم استقالته لسيدنا أبي بكر، فسيدنا أبي بكر قال له: لما يا عمر ألم يرضى الناس بحكمك وبعدلك ؟ قال: بلى يا خليفة رسول الله، لكن لا حاجة لي عند قوم عرف كل منهم حده فوقف عنده. ديهم النصيحة خلقهم القرآن، عملهم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، إن احتاج أحدهم ساعدوه وإن مرض عادوه وإن افتقر أعانوه ففيما يختصمن يا أمير المؤمنين. هذا عنوان واضح للتواصل الاجتماعي. المذيع: دور الصدقات وخاصة في شهر رمضان، الله سبحانه وتعالى جعل هذا الشهر لنزداد في هذا الموضوع، هل من إضاءة أخيرة من قبل الشيخ راتب. الأستاذ راتب: قال تعالى: ﴿ خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً ﴾ (سورة التوبة) تبين صدقهم. ﴿ تُطَهِّرُهُمْ﴾ تطهر الغني من الشح، والفقير من الحقد، والمال من تعلق حق الغير به. ﴿ وَتُزَكِّيهِمْ﴾ تهني نفس الغني حينما يرى عمله وقد ترك بصمة كبيرة في المجتمع، وتنمي نفس الفقير حينما يرى نفسه ليس مهملاً، وتنمي المال بطريقة عجيبة، لأن الإنسان حينما يعطي يجعل في يد المعطى قوة شرائية تعود عليه بالخير مرة ثانية، والمال يحفظ بأداء الزكاة وينمو بأداء الزكاة، فهذه الآية أصل: ﴿ خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ﴾ وشهر رمضان شهر الزكاة. (( عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجْوَدَ النَّاسِ وَكَانَ أَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ وَكَانَ يَلْقَاهُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ فَيُدَارِسُهُ الْقُرْآنَ فَلَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجْوَدُ بِالْخَيْرِ مِنَ الرِّيحِ الْمُرْسَلَةِ )) (صحيح البخاري) والأمة المسلمة في رمضان عليه أن يؤدي زكاة الفطر يوجد ملمح رائع في هذا التوجيه، حتى الفقير جداً الذي لا يملك قوت يومه وجبة طعام واحدة، عليه أن يدفع زكاة الفطر ليذوق طعم الإنفاق مرة في العام، لذلك العرب يقولون فلان أريحي ارتاح من العطاء. مرة إنسان أعطى امرأة عطاء كبير فلامه صديقه، قال: لقد كان يرضيها القليل لما أعطيتها الكثير أنت لا تعرفها، فقال الأريحي: إذا كان يرضيها القليل فأنا أرضى لها إلا بالكثير وإذا كانت لا تعرفني فأنا أعرفها، ففي موكبة العطاء الإنسان كل سعته في العطاء. مرة قرأت مقالة في مجلة انتهت المقالة في رأس الصفحة وبقي فراغ كتبت حكمة، قال: إذا أردت أن تسعد فأسعد الآخرين فأنت أسعدهم. حينما الإنسان يخرج من ذاته ليكون في خدمة الخلق هو أسعد الخلق. المذيع: في قضية زكاة الفطر كأنها تتوجب على الصغار، الولي الصغار عليه أن يخرج زكاة فطره حتى عن الصغار لو لم يصوموا وعلى الجنين، كل ذلك لتشجيع الناس على الإنفاق ليكون هذا التواصل الاجتماعي ليس تواصلاً كمالياً فقط، وإنما تواصلاً عاطفياً ومادياً في آن واحد ليحقق هذه الصلة الروحية والتعاونية بين أبناء المجتمع المسلم. الحقيقة الوقت ينتهي أتوجه بالشكر الجزيل لما تفضلتم به، أتوجه بالشكر الجزيل لفضيلة الدكتور الشيخ محمد راتب النابلسي أستاذ مادة الإعجاز العلمي في كليات الشريعة وأصول الدين والمدرس في كلية التربية ولفضيلة الشيخ عبد الغني مكاري المدرس الديني وخطيب مسجد عمر بن الخطاب في اللاذقية. والحمد لله رب العالمين

خطبة الجمعة - الخطبة 0405 : خ1 - صلة الرحم ، خ2 - الصلاة تمنع كثير الأمراض. لفضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي بتاريخ: 1992-08-21

بسم الله الرحمن الرحيم الخطبة الأولى: الحمد لله ثم الحمد لله ، الحمد لله الذي هدانا لهذا ، وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله ، وما توفيقي ولا اعتصامي ولا توكلي إلا على الله ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، إقراراً بربوبيته ، وإرغاماً لمن جحد به وكفر ، وأشهد أن سيدنا محمداً صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رسول الله سيد الخلق والبشر ، ما اتصلت عين بنظر ، أو سمعت أذنٌ بخبر ، اللهم صلّ وسلم وبارك على سيدنا محمد ، وعلى آله وأصحابه ، وعلى ذريته ، ومن والاه ، ومن تبعه إلى يوم الدين ، اللهم ارحمنا فإنك بنا راحم ، ولا تعذبنا فإنك علينا قادر ، والطف بنا فيما جرت به المقادير ، إنك على كل شيء قدير ، اللهم علمنا ما ينفعنا ، وانفعنا بما علمتنا وزدنا علماً ، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه ، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه ، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه ، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين . صلة الرّحم : أيها الأخوة المؤمنون ؛ لا زلنا في موضوع أخلاق المؤمن ، ولا زلنا في السمة السامية الأساسية من سماته ألا وهي حب الرحمة ، فالرحمة أيها الأخوة كما قلت في خطبة سابقة سمة أساسية جداً من سمات المؤمن ، وتتبدى بصور شتى من صورها بر الوالدين ، ومن صورها صلة الرحم ، فالإسلام أيها الأخوة أوصى بصلة الرحم ، ونهى نهياً شديداً عن قطعها ، بل إن من مبادئ الإسلام تمتين العلاقة بين الأقارب ، لأن الإسلام يهدف إلى أن يعيش الإنسان فطرته ، ومن فطرة المسلم أن يكون اجتماعياً ، يتعاون مع الآخرين تعاوناً إيجابياً . أيها الأخوة الأكارم ؛ من هم رحم الإنسان ؟ في أدق التفاسير ، وأدق التعاريف كل أقربائه ، من جهة أبيه وأمه ، هؤلاء هم رحم الإنسان . وماذا تعني صلة الرحم ؟ من صلة الرحم أن تزورهم ، وأن تتفقد أحوالهم ، وأن تكرمهم ، وأن تقدم لهم الهدايا في المناسبات ، وأن تتصدق على فقيرهم ، وأن تتعهد مرضاهم ، وأن تشاركهم في مسراتهم ، وأن تشاركهم في أحزانهم ، وأن تقدمهم على غيرهم فيما تعطي ، صلة الرحم تعني أن تزورهم ، وأن تتفقد أحوالهم المعيشية ، والاجتماعية ، وأن تكرمهم ، وأن تقدم لهم الهدايا في المناسبات ، وأن تتصدق على فقيرهم ، وأن تتعهد مرضاهم ، وأن تشاركهم في المسرات ، وفي الأحزان ، وأن تقدمهم على غيرهم في الأعطيات ، تجسيداً للقاعدة : الأقربون أولى بالمعروف . صلة الرحم من موجبات دخول الجنة : أيها الأخوة الأكارم ؛ وقطيعة الرحم تعني هجرانهم ، والإعراض عن زيارتهم ، وعدم مشاركتهم في أفراحهم وأحزانهم ، والله سبحانه وتعالى وصف المؤمنين بأنهم يصلون ما أمر الله به أن يوصل ، ووصف الذين استحقوا لعنته واستحقوا سوء الدار بأنهم : ﴿الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ ﴾ [ سورة البقرة : 27 ] فالذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل هم المؤمنون ، والذين استحقوا لعنة الله ، وسوء الدار هم الذين : ﴿ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ ﴾ بل إن صلة الرحم من موجبات دخول الجنة ، فقد روى البخاري ومسلم عن أبي أيوب الأنصاري أن رجلاً قال : يا رسول الله أخبرني بعمل يدخلني الجنة ؟ فقال عليه الصلاة والسلام : (( تعبد الله ، ولا تشرك به شيئاً ، وتقيم الصلاة ، وتؤتي الزكاة ، وتصل الرحم )) [ متفق عليه عن أبي أيوب الأنصاري] طبعاً نحن نخاطب المؤمنين ، المؤمن يعرف الله ، ويعبده ، ويصلي ، ويزكي ، ونقول لهذا المؤمن : وعليك أن تصل الرحم ، أما هذا الذي يصل رحمه من دون أن يعرف الله، من دون أن يعبده فهذا سلوك اجتماعي ، يقطف ثماره في الدنيا ، لكن إذا خاطبنا المؤمنين بالله عز وجل الذين عرفوا الله ، وعبدوه ، وأقاموا الصلاة ، وآتوا الزكاة ، هؤلاء معنيون بهذه الآيات ، لأن الكفار كقاعدة يخاطبون بأصول الدين ، بينما المؤمنون يخاطبون بفروع الدين . وروى البخاري ومسلم عن عائشة رَضِيَ اللَّهُ عَنها أن النبي عليه الصلاة والسلام يقول : (( الرحم معلقة بالعرش ، تقول : من وصلني وصله الله ، ومن قطعني قطعه الله)) [ متفق عليه عن عائشة] كل أسرة فيها أقارب فقراء ، أغنياء ، مرضى ، أصحاء ، ضعاف ، أقوياء ، متفوقون في الدنيا ، مغمورون في الدنيا ، فإذا وصل الأقوياء الضعفاء ، والأغنياء الفقراء ، والأصحاء المرضى ، وصلوهم ، وواسوهم ، وأكرموهم ، وطيبوا خاطرهم ، إن هذه الأسرة تغدو متماسكة ، بل إن من صلة الرحم أيها الأخوة أن تدل أقرباءك على الله عز وجل ، ولن تستطيع أن تدلهم على الله إلا بالإحسان إليهم ، ومن الإحسان إليهم أن تزورهم ، وأن تتفقد أحوالهم ، وأن تقدم لهم ما يواسيهم في مناسبتهم . أيها الأخوة الأكارم ؛ وروى البخاري ومسلم عن أبي هريرة رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ‏ أن النبي صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول : ((الرحم شجنة من الرحمن ، قال الله : من وصلك وصلته ، ومن قطعك قطعته)) [ متفق عليه عن أبي هريرة] وفي الحديث القدسي : (( أنا الله ، وأنا الرحمن خلقت الرحم ، وشققت لها من اسمي ، فمن وصلها وصلته ، ومن قطعها بتته ؛ أي قطعته )) [ أبو داود و الترمذي عن عبد الرحمن بن عوف] وقد ندهش أيها الأخوة أن قاطع الرحم محروم من دخول الجنة إما حرمة مؤقتة ، أو أبدية ، لقول النبي عليه الصلاة والسلام فيما رواه البخاري ومسلم عن جبير بن مطعم : ((لا يدخل الجنة قاطع)) [ متفق عليه عن جبير بن مطعم] وقد فسر شراح الحديث قاطع الرحم القاطع لمَا أمر الله به أن يوصل : ((لا يدخل الجنة قاطع)) [ متفق عليه عن جبير بن مطعم] واصل الرحمة هو من إذا قطعت رحمه وصلها : أما إذا أردنا أن ندخل في لب الموضوع ، وأن نتعرف إلى طبيعة صلة الرحم فبادئ ذي بدء أيها الأخوة النبي عليه الصلاة والسلام يقرر أنه ليس الواصل - واصل الرحم -هو الذي يعامل أرحامه بالمثل ، وهذا من طبيعة الناس اليوم ، إن زارني أزوره ، إن وصلني أصله ، إن أهداني أهدي إليه ، إن اتصل بي وعزاني أعزيه ، إن واساني أواسيه ، هذا المنطق منطق المعاملة بالمثل النبي عليه الصلاة والسلام رفضه في موضوع صلة الرحم ، فقد قال عليه الصلاة والسلام فيما رواه البخاري عن عبد الله بن عمرو بن العاص رَضِيَ اللَّهُ عَنهُما أن النبي صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول : ((ليس الواصل بالمكافئ ، ولكن الواصل الذي إذا قطعت رحمه وصلها)) [البخاري عن عبد الله بن عمر بن العاص] يدعم هذا المعنى قول النبي عليه الصلاة والسلام : ((أمرني ربي بتسع ؛ خشية الله بالسر والعلانية ، كلمة العدل في الغضب والرضى، القصد في الفقر والغنى ، وأن أصل من قطعني)) [القرطبي في تفسيره عن أبي هريرة] لن تكون واصل الرحم إلا إذا وصلت من قطعك ، أن أصل من قطعني ، وأن أعفو عمن ظلمني ، وأن أعطي من حرمني ، وأن يكون صمتي فكراً ، ونطقي ذكراً ، ونظري عبرةً ، النبي عليه الصلاة والسلام بالتعريف الدقيق يقول : ليس الواصل بالمكافئ ، ولكن الواصل إذا قطعت رحمه وصلها , وشكا رجل إلى النبي صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قطيعة قرابة له : ‏ ((يا رَسُول اللَّهِ إن لي قرابة أصلهم ويقطعونني ، وأحسن إليهم ويسيئون إلي ، وأحلم عنهم ويجهلون علي . فقال : لئن كنت كما قلت فكأنما تسفهم المل ، ولا يزال معك من اللَّه ظهير عليهم ما دمت على ذلك )) [مسلم عن أبي هريرة] أي الإنسان هو الإنسان في كل مكان وزمان ، وهذا نموذج متكرر ، أصلهم ويقطعوني ، وأحسن إليهم ويسيئون إلي ، وأحلم عنهم ويجهلون علي ، فقال عليه الصلاة والسلام - دققوا أيها الأخوة كيف أن النبي عليه الصلاة والسلام يعلمنا - : لئن كنت كما قلت- إياك أن تفتي فتوى مطلقة - لئن كنت كما قلت أي إذا كان كلامك مطابقاً للواقع ، أنا أفتي لك على حسب كلامك ، فإن لم يكن كلامك مطابقاً للواقع ففتواي لا تنصرف إلى حالتك ، وأي سائل يسأل ، وأي مجيب يجيب ، يجب أن يقيد إجابته بهذه الكلمة - لئن كنت كما تقول - إن كان وصفك مطابقاً للواقع ، هذه الفتوى لهذا الوصف ، والفتوى على قدر الوصف ، لئن كنت كما قلت فكأنما تسفهم المل ، المل ؛ الرماد الحار ، أي كأنهم يسفون رماداً حاراً يحرق أفواههم، لئن كنت كما قلت فكأنما تسفهم المل ، ولا يزال معك من اللَّه ظهير عليهم ما دمت على ذلك‏ . أي المؤمن الذي يصل رحمه ويقطعونه ، يحسن إليهم ويسيئون إليه ، يحلم عنهم ويجهلون عليه ، هذا نموذج موجود في كل زمن ، لئن كنت كما قلت فلهم من الله عقاب شديد ، ولك من الله ظهير أي معين ، ودائماً وأبداً الله مع المظلوم ، في الزواج ، في الشراكة ، في القرابة ، الله مع المظلوم . (( اتقوا دعوة المظلوم ولو كان كافراً فإنَّهَا لَيْسَ بَيْنَهَا وَبَينَ اللهِ حِجَابٌ )) [ متفق عليه عن عبد الله بن عباس ] (( ‏اتقوا دعوة المظلوم وإن كان كافرا‏ )) [‏تصحيح السيوطي عن أنس] وللباطل جولة ، ولا يستقر إلا الحق ، والأمور لابد من أن تنكشف والله هو الحق ، لأنه سيحق الحق ، وسيظهره في وقت قريب أو بعيد . التكافل الاجتماعي : أيها الأخوة الأكارم ؛ وروى البخاري ومسلم عن أبي هريرة أن النبي صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال : (( إن الله تعالى خلق الخلق حتى إذا فرغ منهم قامت الرحم ، فقالت : هذا مقام العائذ بك من القطيعة ، فقال الله عز وجل : نعم ، أما ترضين أن أصل من وصلك ، وأن أقطع من قطعك ، قالت : بلى ، قال : كذلك لك )) [ متفق عليه عن أبي هريرة] أقرباؤك من لهم غيرك ؟ أقرباؤك الفقراء ، أقرباؤك الضعاف ، أقرباؤك المحتاجون من لهم غيرك ؟ النبي عليه الصلاة والسلام لا ينطق عن الهوى ، وبهذه التوجيهات يجعل الأسر متماسكة ، لأن الأسرة الصغيرة هي أصغر لبنة في المجتمع ، أما الأسرة الكبيرة فإذا تفقد غنيهم فقيرهم ، وقويهم ضعيفهم ، وصحيحهم مريضهم ، صار هناك ما يسمى بالتكافل الاجتماعي ، على مستوى أسرة ، فالإنسان قبل أن يبحث عن عمل صالح يقدمه للغريب عليه أن يتفقد أحوال أقربائه الأدنين والأبعدين . ثم قال الله عز وجل : ﴿ فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ * أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ ﴾ [ سورة محمد : 22-23] يا أيها الأخوة الأكارم ؛ من لطائف الشريعة الغراء أن الإنسان إذا تصدق على قريبه تحسب له هذه الصدقة مرتين ، مرةً كصدقة ، ومرةً كصلة . فقد روى الترمذي بإسناد حسن عن سلمان بن عامر عن النبي صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (( أن الصدقة على المسكين صدقة ، وعلى ذي الرحم صدقة وصلة )) [‏الترمذي بإسناد حسن عن سلمان بن عامر ‏] صلة الرحم تبسط الرزق و تطيل العمر : مرّ بنا قبل أسابيع أن البغي والعقوق يعجل لصاحبهما في الدنيا العقاب ، على هذه الشاكلة صلة الرحم لها مكافآت في الدنيا قبل الآخرة ، لها مكافآت في الدنيا مع أن حقك في الآخرة محفوظ ، مكافآت صلة الرحم في الدنيا كما قال عليه الصلاة والسلام : بسط الرزق وإطالة العمر ، لذلك روى البخاري ومسلم عن أنس بن مالك أن النبي صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول : ((من أحب أن يبسط له في رزقه ، وينسأ له في أثره - أي في أجله - فليصل رحمه)) [‏مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ‏ عن أنس بن مالك] بسط الرزق وإطالة العمر ، أما إطالة العمر فلها توجيهات وجهها العلماء ، العمر أتفه ما فيه مدته الزمنية ، لكن أخطر ما فيه غناه بالأعمال الصالحة ، تماماً لو فتح الإنسان متجره ساعة وربح ألفاً ، ولو فتحه عشر ساعات وربح مئة ليرة ، ما قيمة الدوام أمام الأرباح ؟ فقيمة العمر لا بمدته الزمنية بل بفحواه ، بغناه بالأعمال الصالحة ، لذلك الذين تركوا آثاراً في البشرية ما عاشوا أعماراً طويلة ، عاشوا أعماراً متوسطة ، بل عاشوا أعماراً قصيرة لكن أعمارهم كانت مفعمة بالأعمال الصالحة ، فمن أحب أن يبسط رزقه أو أن يزيد أجله فليصل رحمه . وروى البخاري ومسلم عن أنس بن مالك عن رسول الله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (( أنه كان أبو طلحة أكثر الأنصار بالمدينة مالاً من نخيلٍ - أغنى صحابي بالنخيل - وكان أحب أمواله إليه بيرحاء - بستان تجاه المسجد النبوي ، اسمه بيرحاء- وكانت مقابلةً للمسجد ، وكان رسول الله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏يدخلها ويشرب من مائها الطيب ، فلما نزلت الآية : ﴿لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ﴾ قام أبو طلحة إلى رسول الله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال يا رسول الله إن الله تعالى يقول : ﴿ لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ﴾ وإن أحب مالي إلي بيرحاء ، وإنها صدقة لله تعالى ، وأرجو ذخرها عند الله فضعها يا رسول الله حيث أراك الله ، ‏ فقال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم : بخ بخ ! ذلك مال رابح ، ذلك مال رابح ، وقد سمعت ما قلت وإني أرى أن تجعلها في الأقربين منك فقال : أفعل يا رَسُول اللَّهِ ، فقسم الحديقة بين أقاربه وبني عمه )) [‏مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ‏ عن أنس بن مالك] من تصدقت من مالها على زوجها الفقير فلها أجران أجر القرابة وأجر الصدقة : وروى البخاري ومسلم عن رسول الله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن زينب الثقفية امرأة عبد الله بن مسعود قالت : قال رسول الله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (( تصدقن يا معشر النساء ولو من حليكن )) [‏مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ‏] فرجعت إلى عبد الله ‏فقلت : إنك رجلٌ خفيف ذات اليد - أي دخلك قليل - وإن رسول الله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قد أمرنا بالصدقة ، فأتِه فاسأله فإن كان ذلك يجزي عني - أي إن أعطيتك زكاة مالي أو صدقة من مالي - وإلا صرفتها إلى غيرك ، فقال عبد الله : بل أنت ائتيه ، ذهبت زينب إلى رسول الله ، فإذا امرأة من الأنصار بباب رسول الله قالت : حاجتي حاجتها - أي سؤالي كسؤالها - فخرج علينا بلال فقلنا له : ائتي رسول الله فأخبره أن امرأتين بالباب تسألانه أتجزئ الصدقة عنهما على أزواجهما وعلى أيتام في حجورهما ؟ ولا تخبره من نحن ، فدخل بلال على رسول الله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فسأله فقال عليه الصلاة والسلام من هما ؟ ويبدو أن هذا السؤال له علاقة بالفتوى فإذا عرفت من هو المستفتي ؟ ما وضعه ؟ ما مستوى إيمانه ؟ ما مستوى حاجته ؟ فقال : من هما؟ قال : امرأة من الأنصار وزينب ، قال النبي الكريم أي الزيانب ؟ قال بلال : امرأة عبد الله ، قال عليه الصلاة والسلام : قل لهما : لهما أجران ، أجر القرابة وأجر الصدقة ، واستنبط العلماء أن المرأة الموسرة بإمكانها أن تعطي زكاة مالها لزوجها لأنه أقرب الناس إليها . وروى البخاري ومسلم عن أبي أيوب الأنصاري أن رجلاً قال : يا رسول الله أخبرني بعمل يدخلني الجنة ‏؟ قال : ((تعبد اللَّه لا تشرك به شيئاً ، وتقيم الصلاة ، وتؤتي الزكاة ، وتصل الرحم‏ )) [‏مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ‏ عن أبي أيوب الأنصاري ] وصلة الرحم بعد معرفة الله وعبادته من أفضل الأعمال التي تقرب إلى الله تعالى. صلة الرحم واجبة على كل مسلم : الآن من الأحكام الشرعية في هذا الموضوع أن صلة الرحم واجبة ولو كان ذوا الرحم غير مسلمين ، هذا هو الدين الحنيف ، ولكن يجب أن تبنى على قواعد الشرع ، أي دع خيراً عليه الشر يربو ، درء المفاسد مقدم على جلب المنافع ، إذا كان في هذه الصلة ضياعاً لدينك لا ، دينك أولى ، أما إذا استطعت أن تصل الرحم من دون أن تضحي بدينك ، أو ببعض منه فالأولى أن تصل هذه الرحم . أيها الأخوة الأكارم ؛ روى مسلم عن أبي هريرة أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: ((وأنذر عشيرتك الأقربين ، عندئذٍ دعا النبي عليه الصلاة والسلام قريشاً فاجتمعوا وقال : يا بني كعب بن لؤي أنقذوا أنفسكم من النار ، يا بني مرة بن كعب أنقذوا أنفسكم من النار ، يا بني عبد شمس أنقذوا أنفسكم من النار ، يا بني عبد مناف أنقذوا أنفسكم من النار، يا بني هاشم ، يا بني عبد المطلب ، يا فاطمة ، فإني لا أملك لكم من الله شيئاً ، غير أن لكم رحماً سأبلها ببلالها)) [‏مسلم عن أبي هريرة] أي من كان له رحم فليصلها ، وهذا توجيه النبي عليه الصلاة والسلام . مرةً ثانية أيها الأخوة : يجب أن تعرف الخير والشر ، ويجب أن تعرف الشرين ، وأن تفرق بينهما ، وأن تختار أخفهما ، فدع خيراً عليه الشر يربو ، درء المفاسد مقدم على جلب المنافع ، إذا ضمنت سلامة دينك دون أن تضيع شيئاً منه يجب أن تصل رحمك ، وفي حالات خاصة سلامة الدين أولى . أيها الأخوة الأكارم ؛ حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا ، وزنوا أعمالكم قبل أن توزن عليكم ، واعلموا أن ملك الموت قد تخطانا إلى غيرنا ، وسيتخطى غيرنا إلينا فلنتخذ حذرنا ، الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت ، والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني . والحمد لله رب العالمين . * * * الخطبة الثانية : أشهد أن لا إله إلا الله ولي الصالحين ، وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله ، صاحب الخلق العظيم ، اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين . أعظم عملٍ في صلة الرحم هداية من يلوذون بك : أيها الأخوة الأكارم ؛ تتميماً للموضوع الأول أرقى أنواع الصلة من كان له أقارب ، أرقى أنواع الصلة أن يدلهم على الله ، لذلك حينما قال الله عز وجل : ﴿وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ ﴾ [ سورة الشعراء : 214] أي أقرباؤك أولى بالهداية من الآخرين ، فلذلك إذا نور لإنسان قلبه ، وهداه رشده ، وألهمه الخير ، وتعرف إلى الله عز وجل ، واصطلح معه ، أعظم عملٍ يفعله مع أقربائه فضلاً عن زيارتهم ، وعن تفقد أحوالهم ، وعن إكرامهم ، وعن تقديم الهدايا لهم ، وعن التصدق على فقيرهم ، وعن مواساتهم في أفراحهم وأحزانهم ، وعن تلبية دعواتهم ، فضلاً عن كل ذلك إن أعظم صلة رحم يفعلها الإنسان مع أقربائه أن يدلهم على الله ، من كان له أخوات ، من كان له إخوان ، أقارب ، أبناء عم ، أبناء عمة ، ليقيم معهم جلسة من حين للآخر ، أو جلسة دورية يحدثهم عن الله عز وجل ، يفسر لهم بعض آيات القرآن التي سمعها ، إذا فعل ذلك ، وقربهم إليه ، ودلهم على الله ، وأنقذهم من الضلال ، ومن الضياع ، ومن الشقاء والتشتت ، فإذا فعل ذلك فهذا النوع من الصلة ، يعد أعظم صلة رحم يفعلها المؤمن في حياته ، فلذلك الأقربون أولى بالمعروف بعلمك ، وبتوجيهاتك ، وبعنايتك ، وبنصحك ، وبإرشادك ، وهكذا فعل النبي عليه الصلاة والسلام . وقد يلفت النظر أن رجلاً مؤمناً بعد أن اصطلح مع الله ، وتعرف إليه ، أقنع أخاه بطاعة الله ، ثم أقنع أولاد أخيه بطاعة الله عز وجل ، أي حينما يمتلئ الإناء لابد من أن يفيض على غيره ، وهكذا المؤمن ، أقرب الناس إليك أقرباؤك ، والقريب لا ينفتح قلبه لك إلا بالإحسان، إذاً الزيارة والتفقد وتقديم الهدايا والمعاونة والإكرام ، وكل هذه الأعمال تفتح قلب القريب قبل أن يفتح لك عقله ، فإذا فتحت قلبه فتح لك عقله ، وعندئذٍ تستطيع أن تفعل أعظم عملٍ في صلة الرحم وهو هداية من يلوذون بك . علاقة الصلاة بصحة الجسد : أيها الأخوة الأكارم ؛ الموضوع العلمي في هذه الخطبة بحث دقيقٌ دقيق ، وشيقٌ شيق عن علاقة الصلاة بصحة الجسد ، لا مجال لبسطه من على هذا المنبر ، ولكن أقتطف لكم من هذا البحث الدقيق بعض الملاحظات ، قال : الصلاة ترفع كفاءة القلب والدورة الدموية ، طبعاً فضلاً عن أنها عبادة ، وفضلاً عن الحديث عن خشوعها ، وعن فرضيتها ، نتحدث عن الصلاة من زاوية ضيقة جداً ألا وهي علاقتها بصحة البدن ، قيل : يندر بين المصلين أن تجد أشخاصاً يعانون من أمراض في العمود الفقري ، طبيعة الركوع والسجود والقيام هي صحة للعمود الفقري ، فلذلك أمراض العمود الفقري تندر بين المصلين ، ويندر بين المصلين التهابات المفاصل بجميع أنواعها ، ويندر بين المصلين مرض القرص ، ويندر بين المصلين حصول الدوالي وجلطات الأوردة العميقة ، ويندر بين المصلين الاحتقان الدموي في الحوض الذي يسبب البواسير والنزفات الرحمية ، ويندر بين المصلين ضيق الصدر الذي هو بسبب تراكم غاز ثاني أكسيد الكربون في الرئتين ، فالزفير القسري الذي يحدثه الركوع والسجود ينشط الرئتين وينشط القلب مع الرئتين ، ويندر بين المصلين التيه والخرف الشيخي لأن السجود من شانه أن يروي الدماغ بالدم ، والتيه والخرف الشيخي في بعض أسبابه نقص في تروية أوعية المخ ، لذلك السجود يجعل الدم ينصب على أوعية الرأس بشكل قسري بفعل الجاذبية ، لذلك التيه والخرف الشيخي يندر بين المصلين . وقد أشار النبي عليه الصلاة والسلام إشارة موجزة رائعة قال : ((يا بلال أقم الصلاة وأرحنا بها)) [ أخرجه أبو داود كتاب الأدب ] ومن يدري لعل الراحة في الصلاة الراحة نفسية وجسمية في وقت واحد . أيها الأخوة الأكارم ؛ أمر الله عز وجل أعظم بكثير من أن يفسر بعلة واحدة ، أو بحكمة واحدة ، أوامر الله عز وجل حكمها وعللها لا تعد ولا تحصى . الدعاء : اللهم اهدنا فيمن هديت ، وعافنا فيمن عافيت ، وتولنا فيمن توليت ، وبارك لنا فيما أعطيت ، وقنا واصرف عنا شرّ ما قضيت ، فإنك تقضي بالحق ولا يُقضى عليك ، إنه لا يذل من واليت ، ولا يعز من عاديت ، تباركت ربنا وتعاليت ، ولك الحمد على ما قضيت ، نستغفرك ونتوب إليك ، اللهم هب لنا عملاً صالحاً يقربنا إليك . اللهم أعطنا ولا تحرمنا ، أكرمنا ولا تهنا ، آثرنا ولا تؤثر علينا ، أرضنا وارض عنا ، اقسم لنا من خشيتك ما تحول به بيننا وبين معصيتك، ومن طاعتك ما تبلغنا بها جنتك ، ومن اليقين ما تهون به علينا مصائب الدنيا ، ومتعنا اللهم بأسماعنا ، وأبصارنا ، وقوتنا ما أحييتنا ، واجعله الوارث منا ، واجعل ثأرنا على من ظلمنا ، وانصرنا على من عادانا ، ولا تجعل الدنيا أكبر همنا ولا مبلغ علمنا ، ولا تسلط علينا من لا يخافك ولا يرحمنا ، مولانا رب العالمين . اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا ، ودنيانا التي فيها معاشنا ، وأصلح لنا آخرتنا التي إليها مردنا ، واجعل الحياة زاداً لنا من كل خير، واجعل الموت راحة لنا من كل شر ، مولانا رب العالمين . اللهم اكفنا بحلالك عن حرامك ، وبطاعتك عن معصيتك ، وبفضلك عمن سواك . اللهم لا تؤمنا مكرك ، ولا تهتك عنا سترك ، ولا تنسنا ذكرك يا رب العالمين . اللهم استر عوراتنا ، وآمن روعاتنا ، وآمنا في أوطاننا ، واجعل هذا البلد آمناً سخياً رخياً وسائر بلاد المسلمين . اللهم إنا نعوذ بك من الخوف إلا منك ، ومن الفقر إلا إليك ، ومن الذل إلا لك ، نعوذ بك من عضال الداء ، ومن شماتة الأعداء ، ومن السلب بعد العطاء . اللهم ما رزقتنا مما نحب فاجعله عوناً لنا فيما تحب ، وما زويت عنا ما نحب فاجعله فراغاً لنا فيما تحب . اللهم صن وجوهنا باليسار ، ولا تبذلها بالإقتار ، فنسأل شرّ خلقك ، ونبتلى بحمد من أعطى ، وذم من منع ، وأنت من فوقهم ولي العطاء ، وبيدك وحدك خزائن الأرض والسماء . اللهم كما أقررت أعين أهل الدنيا بدنياهم فأقرر أعيننا من رضوانك يا رب العالمين . اللهم بفضلك وبرحمتك أعل كلمة الحق والدين ، وانصر الإسلام وأعز المسلمين، وخذ بيد ولاتهم إلى ما تحب وترضى ، إنك على ما تشاء قدير ، وبالإجابة جدير . والحمد لله رب العالمين

© Copyright nizer wael 2017. All Rights Reserved.

RGB Color

Or pick a color:

Enter your name:
Choose which browser you prefer:
Enter your name:

HTML
CSS

HTML
CSS

Finding HTML Elements Using document.forms

First name:

A picture is worth a thousand words. (Une image vaut mille mots.)

(Ne jugez pas un livre à sa couverture.).

Conflicting Plaid Live! December 20th



Untitled Document


First name:
   
   

This free script provided by
Dynamic Drive

   
   
         
Money doesn’t grow on trees.
Money doesn’t grow on trees.(Things that grow on trees, such as fruit or leaves, are considered plentiful (enough, plenty) because they will grow back. If you eat an apple from a tree, more apples will continue to grow. But money must be earned through hard work, and doesn’t “grow back” after you spend it. Once you spend money, it’s gone. This proverb is often said to people who waste their money on silly purchases.)

Exemple Date
Font Awesome Icons

Sign up for exclusive content

Enter your email address below to receive exclusive scripts not found on the site. Also, get our monthly newsletter packed with tricks and bonus goodies.

..... .....

...... Additional Resources

Enter your name: